لا أحــد هنا.. الكرسى الفارغ
إعتاد الذهاب إلى ذلك المكان كلما ضاقت به الدنيا..
ذلك المطعم الهادىء ذو الأضواء الخافتة.. يجلس عادة على نفس الطاولة.
لم يصطحب معه سوى قلة نادرة الى هذا المكان.. فقد كان أحد أماكنه السرية.. حيث يتشارك أوجاعه... مع المكان.. والزمان
أصطحب الى هنا بعض القريبين.. الذين صاروا كلهم.. لسبب ما.. أبعد البعيدين.
ولو كان يعلم يومها.. ما ستؤول اليهأحوال الحياة.. لما جاء بهم الى هنا.. الى مخبئه
اليوم يجلس فى نفس المكان.. لكن.. لا أحد هنا
لا أحد سوى.. الكرسى الفارغ.
ذلك الكرسى الذى عاصر وشهد وأستمع للكثير من الحكايات
يبدو أن هذا الكرسى يعرفه أكثر من جميعهم..
ذلك الكرسى الفارغ.. والبحر المظلم فى الليل.. كانا مخبأ أسراره.
لم يزعجه فراغ هذا الكرسى فى يوم.. ربما لأن كرسيه كان مُمتلئاً!!
اليوم سأله أحدهم.. كيف يمكن أن تجلس وحيداً لوقت طويل دون أن تنزعج.. أو تخاف.. أو تمل؟
فرد على السؤال بسؤال كعادته..
لو سألت نفسك ما الذى يجعلك منزعجاً وخائفاً فى وحدتك.. لو أدركت مالذى يجعلك تمل من نفسك.. لأدركت الأجابة!!
اليوم لا أحد هنا.. ليس فقط فى الكرسى الفارغ.. بل ربما فى الحياة بأكملها.
كل المشهد صار عبارة عن بهو متسع الأرجاء.. لا يوجد فيه سوى كراسى فارغة.. وكل من يعرفهم خارج الباب.. ينظرونه ويتعاملوا معه من خلف الزجاج.. نعم لازالت حياته ممتلئة.. بل ومزدحمة بالناس.. لكن كل كراسى أعماقه لازالت فارغة.
لا أحد هنا.. لا يهم.. هكذا قال لنفسه.. يكفينا أننا معاً.. ألم نعبر هذا المشهد مرات ومرات..
الم يمتلىء ذلك البهو.. وهذا الكرسى بأشخاص.. واختبرنا معهم الملء.. والفراغ.
اليوم يا صديقى.. ويا نفسى.. هو يوم الكرسى الفارغ..
فأكمل وجبتك هانئاً.. وأسرد حكاويك لكرسيك.. الفارغ.. فلا أحد هنا.. لآنك لا تريد أن يكون أحد هنا!!
لا أحد سوى.. الكرسى الفارغ.. فشكرا لانك بقيت معى ايها الكرسى الوفى. أو ربما أنا من بقيت معك!