ولا زلنا.. نُغلق.. أعيننا
منذ الطفولة تعلمنا الحيلة.. أن نهرب مما يُخيف.. بأغماض أعيننا.
وكأن ما لا نراه.. ليس بكائن.. أو كآننا بذلك.. قد وضعنا حاجزًا بيننا وبين ما يُخيف.. كافى لإيقافه.
نُغلق أعيننا.. فلا نرى.. فنطمئن.. حل سحرى لتفادى المشكلات.. أن لا نراها.. أو ننكرها.
الحيلة نجحت معنا.. فصدقناها.. نجحت لأن معظم مخاوفنا فى الصغر كانت وهماً.. فلما أغمضنا أعيننا لم يحدث شىء لنا.. فظننا أننا بذلك تغلبنا على ما تخيلنا أنه يُهاجمنا.. الشبح المتربص بنا فى الظلام.. اللص المختبىء على السلالم.. واشياء وأشياء.. لم تكن أصلا موجودة.. لكن تخيلناها.. فخفنا.. فأغمضنا.. فنجونا.. فصدقنا أنه يكفى أن نُغمض لننجو!!
وهانحن قد كبرنا.. وصارت المخاوف حقيقية.. أو على الأقل معظمها.. لذا عدنا لحيلتنا القديمة.. أن نُعمض.. فلا نرى..
أن نتجاهل.. أو ننكر وجود المشكله المخيفة لكى لا نواجهها.
أن نغمض على أمل أنها ستنحل من تلقاء نفسها.. مع الوقت.. واحيانا ننساها فنظنها قد.. حُلت!!
الأن نغمض بطرق شتى.. بستار القوة والكمال.. بأدعاء عدم الأحتياج.. وبما أنا بارعون فى التخيل.. فيمكننا أن نُغمض أعيننا عن عدونا الحقيقى.. ومشكلتنا الأصليه.. بخلق مشكلة أخرى.. بتخيل أن الخطر فى الأخر.. وليس فىّ..
الأخر.. الذى يوقظ فينا حقيقة أنفسنا.. وهذا سهل أن ابتعد عنه..
أن تنظر فى المرآة.. فتفجعك حقيقة نفسك.. فتلقى العيب على.. المرآة.. وتكسرها.. وتستريح!!
كطفل يخاف أمتحان الغد.. ولا يرغب أن يجتهد.. فيتخيل أصابته بكافة الأمراض.. فهذا خوف يمكنه احتماله.. ومواجهته.. بالدواء والنوم.. ويعطيه عذراً.. أن لا يواجه حقيقة نفسه.
لازلنا نغمض أعيننا بكل الطرق.. لكن هذه المرة.. لن يختفى ما نخاف منه.. بل سيواجهنا يوماً ما.. لاننا نحمله داخلنا..
وإن كسرنا كل المرايا التى نرى فيها حقيقة نفوسنا.. ستبقى نفوسنا معنا.. بنفس مشكلاتها.. ذات يوم.. ستنفجر!!
لذا ربما يكون من الأفضل عندما نخاف.. أن نتعلم كيف نفتح أعيننا.. لنرى..
ربما هذا النور وحده كافى لحل مشكلة أعماقنا.
يا صديقى.. لايمكنك الهرب مما تخاف.. بألقاء نفسك فى مزيد من الظلام.. انت بحاجة.. للنور