By mishosayedadmin on الإثنين، 21 كانون1/ديسمبر 2020
Category: posts

إلى صديقى.. المصدوم

الصدمات يا بنى تهز كل الكيان.. يجب أن تعلم.. وتحترم هذا..

يجب أن تعلم.. أنه بقدر قوة صدمتك.. بقدر ما ستهتز.. بالطبع يختلف الأمر مع النضج والعمر.. لكن ما يصدمنا.. يهز أعماقنا بصورة ما.

كل شىء فيك قد يهتز من صدمة عاطفية.. أو حتى من صدمة خذلان فى صديق... من كذب شخص.. أو من نهاية علاقة.. 

المشاعر.. الأفكار.. صورتك عن نفسك.. رؤيتك عن الأخر.. رؤيتك للموت والحياة.. كل هذه أمور تهتز جداً فينا.. وتتأثر من جراء الصدمة!!

الموت.. الفقد... الترك.. الرحيل.. الأفتراق.. الخيانة.. كل هذه أشياء قد تصنع فينا شروخاً.. وأهتزازات.. فكيف تتعامل مع هذا؟!

يجب أن تُدرك أولا حقيقة أنك مصدوم.. أنك فقدت جزء من أتزانك.. لا تتغافل تلك الحقيقة.. وتنكرها..
أنت لست سوبرمان الذى لا يتأثر بشىء.. ولا يضعفه شىء.. يا بنى.. نحن بشر فى منتهى الهشاشة.. يجب أن تُدرك أنك لست نفس الشخص الذى كان بالأمس يُجيد التصرف والحكم على الأمور.

مشاعرك.. أفكارك.. تفسيراتك.. استنتاجاتك.. فى هذا الوقت غالباً ما ستكون خاطئة بنسبة كثيرة.. وتحتاج أعادة نظر فيما بعد.

لذا هذا وقت لا يصلح لأتخاذ قرارات جديدة.. ولا حتى لأجل تصليح ما قد حدث..
ربما ألأنسب هو أن تهدا.. وتطلب من الأطراف المشاركة فى الصدمة.. او العلاقة بالهدوء.

وغالباً هذا لا يحدث!! فتزداد المشكلات.. وتتحول الجروح الى تشوهات كبيرة... والفراق الى قطيعة.

عادة سيحاول طرف ما أن يُحيى ما قد مات.. ويُعيد وصل ما أنقطع.. بالألحاح.. بالتنازلات.. بالبكاء.. بالتهديد.. بالمطاردة.. بالأعتذارات.. بكل طريقة مشروعة وغير مشروعة.. وهذا يختلف من شخص لأخر ومن علاقة لأخرى.. لكن عادة.. لا نتقبل الصدمة فى صمت.. وهدوء.. لذا نحاول أنكارها.. بمحاولة تغيير ما قد حدث.

عادة.. ستجد لديك ميلاً لأن تفعل شىء.. أن تُفسر.. أن تنتقم.. أن تشوه الأخر.. أن تجرحه كما جرحك.. أو تسترضيه.. ربما تفعل كل هذا عن بعد.. عبر حسابك على الفيس بوك.. لآنك تعلم أنه يراقبك.. وغالبا أنت تراقبه.. بينما من الأفضل.. أن لا تفعل شىء.

ستكون مرتبكاً.. ومضغوطاً.. وكذلك الأخرون.. لذا فهذا ليس أنسب وقت للحديث.. او لمناقشة الامور.. فغالبا مثل هذه المناقشات.. تؤدى الى طريق من اثنين كلاهما غير مجدى..
اما سيؤدى النقاش الى تضخيم المشكلة وزيادة الجروح..
او ستؤدى المناقشة الى اعادة العلاقة كما كانت وتقديم حل او علاج سطحى.. لما حدث يؤدى الى انهيار اكبر بعد قليل.
ولماذا أتنبىء ان مثل هذه الحلول ستؤدى غالباً الى كارثه أعظم؟ لاننا فى هذا الوقت لا نرى جيداً.. لا نرى جذور المشاكل ولا الحلول السليمة لها.
أتذكر تلك العلاقة التى ظللت فيها لسنوات.. لا تفعل شىء.. سوى صراع فتح وأغلاق العلاقة.. اعدتها.. وانهائها.. ثم ماتت فى النهايه!!

لماذا نفعل هذا بأنفسنا؟ لاننا نريد ان نهرب من الالم بأى شكل.. لذا نحاول تغيير الاوضاع المؤلمة.. بسرعة.. ولو بحلول غير سليمة.
لا نرغب أن نتواجه بان لدينامشكلة.. او ان الاخر لديه مشكلة.. لا نرغب ان نترك انفسنا لألم.. يميتنا.. ثم يحيينا

ربما لو ابتعدنا.. وهدأنا.. وتقبلنا أن أمر ما قد أنتهى.. وتألــمـــــــــــــــــــــــــنــــــــــــــــــــــــــــا.
هذا يجعلنا أكثر قدرة على رؤية المشهد بصورة سليمة.. وأدراك اين كانت المشكلة. وهل نرغب فى أعادة ما كنا فيه.. أم نتركه يموت؟!

أحياناً.. يؤدى هذا الى حل حقيقى.. للحدث الذى سبب الصدمة.. لكننى لست اعشمك بشىء لذا اقول لك.. "احــيــانــًـا".. فلا ينبغى ان تبتعد وتهدأ على امل ان تُحل الامور فيما بعد.. هكذا انت لم تقبل شىء.. وتعلق نفسك برجاء مماطل.. من النوع الذى يُمرض القلب. إن أبتعدت.. فأبتعد على اساس ان كل شىء قد انتهى.. وان عليك مواجهة ذلك.. وحدك!!

يا بنى.. لو صدمتك سيارة.. فستكون الأولوية لك أنت.. لعلاجك أنت... واسترداد ما تكسر فيك..
ولن تكون الاولوية لمحاولة تنظيم المرور فى شارعكم.. ولا حتى لمعاقبة من صدمك..

نعم أقول لك.. لان البعض يحاول الانتقام ممن صدمه.. بصورة او بأخرى..
فيا بنى.. كن رجلاً.. وتحمل مسئوليتك فيما حدث لك..
تحمل حقيقة أنك مجروح الان.. ليس لان الاخر به مشكلة.. لكن لانك ايضا بك مشكلة.. او ربما يا محبوب أنت من سببت كل هذا لنفسك.

هذه أشياء لا يُمكنك ادراكها.. او رؤيتها.. فى جو الغضب والاضطراب.. عندما تهدأ.. وتُعالج قلبك المجروح.. حينها سترى بصورة سليمة.
سترى أن نهاية العلاقات ليست بالضرورة تعنى.. كرهاً.. أو بغضاً.. لا تعنى ان الاخر شرير.. أو انك قليل القيمة.. لا تعنى كل هذا.. فكل هذه اكاذيب تتزايد.. بالضوضاء!!

أهدأ يا بنى.. ابتعد عن الضوضاء.. والحلول .. عن الغضب.. والانتقام.. والتقليل من الاخر.. او محاولة استفزازه..

فلديك شخص جريح.. يآن داخلك.. يحتاج انصاتك.. ومحبتك.. واحتوائك.. ويحتاج ايضاً مواجهة صريحة.

كل هؤلاء المشوهين الذين يجرحون بعضهم البعض حولك.. هم اشخاص.. جرحوا ذات يوم.. ولم يتوقفوا.. ليعالجوا جرحهم.. فتلوثت.. وصاروا جرحاً متحركاً.. يدمى حياة كثيرين..

يمكنك أن تتجنب كل هذا.. ويصير جرحك سبب شفاء.. وحياة وقيامة.. لك ولأخرين.. فقط لو ابتعدت.. وهدأت..
ربما يمكنك حتى حينها أن تغفر.. وتسامح.. وتحترم الأخر.. وتظل على حبك له.. عن بعد..

يا بنى.. نجاتك.. وشفائك.. فى هدوئك.. وانتظارك.. كن مشفى....