الناس.. ألوان

الناس يا أبنتى.. الوان وصور..

بعضهم مثل الأزرق الباهت.. كلون بعض المياه.. لا ملامح واضحة له.. ولكننا نحتاجه فى كل يوم.

وبعضهم مثل ملابس النقاش.. مزيج من الوان مُختلطة.. كثيرة.. تبدو وكأنها تحمل الكثير من الأتجاهات والتوجهات.. ولكنها فى النهاية بلا معنى.. هى مجرد أتساخ فوضوى.. على ملابس كانت يوماً نظيفه.. لذا  هى مجرد صخب يحتاج الى تنظيفه!! ليبدء رحلته من جديد.

وبعضهم ستجدينهم مميزين دائماً.. بلون أو اثنين.. يبدو عليهم وكأنهم مكررين.. ولكنهما يحملان معنى وقيمة.

لذا يا ابنتى لا يهم أن تكون حياتك مليئة بالوان ساطعه وبراقة وكثيرة ومختلفة.. المهم أن يكون اللون مُميزاً لكى.. 

ان يُعبر عنك.. وان يكون ذو معنى.

واعلمى أننا لا نختار للناس ألوانهم.. لكن يجب أن نتعامل مع الكل.. ونختبر الكل أياً كان لونه!!

قُلت لكى من قبل أن الحياة ليست أبيض واسود فقط.. بل ستكتشفين يوماً أنها رُماديات متعددة.. ثم ستجدينها عبارة عن ملايين من الألوان المُختلفة.. لكن ليس معنى هذا أنك تكونى ملونة وخلاص.. بل أن تقتنى لونك النادر المميز.

فى هذه الأيام يشترى الناس الألوان لأنفسهم بنقودهم.. لا يكتسبوها بالوقت والمثابرة.. لذا ستجدى الكثير منهم عبارة عن هيكل فارغ بلامعنى.. لون جميل براق يحوى فراغ.

الفن.. الموسيقى.. القهوة.. الكتب وصوت فيروز.. الكتابة.. الأدب.. الهدوء... ليست فى ذاتها هى الحقيقة.. ولا تمنح لمن يقتنيها لوناً كما يُظن الناس.. لكنها مجرد وسائل.. أدوات رسم فى يد فنان أعظم.. يضفى بها لونه الخاص عليكى.. ولا تنسى يا ابنتى.. أداته السرية.. التى نُسميها الألم..

فقط من أجتاز الحياة.. وعاشها بكل تفاصيلها.. تمنحه الحياة نفسها.. لونه المميز النادر.. الغير مكرر.

لا تشترى أصباغ تشوهى نفسك.. بل أشترى بعمرك خبرة حياة.. تلون بك الكون.. والحياة.. والأبدية.

دومتى.. معافة.. وسبب فرح لكل من حولك.

نحن لا نختار
غريب الأطوار