الهارب.. سارق البركة.. رأى حُلماً!!
ماذا فعل ليرى ذلك الحلم الغالى.. لاشىء.. لا صلى.. ولا صام.. ولا حتى طلب أن يرى.. رأى فقط.. لأن الرب أراد أن يُريه!!
أراد أن يُريه كيف تتحقق الأحلام.. بالنعمة الغنية.. دون سرقة.. دون ركض.. دون هروب.. كيف تأتى الحلول الإلهية.. من فوق.
عجيب أن يذهب الرب لشخص فى مثل حالة يعقوب فى هذا اليوم.. ليشاركه أعمق أسراره.. سر التجسد.
عجيب أن حديث الرب معه فى هذا اليوم كان ليطمئنه.. على الارض.. والميراث.. والنسل.
أما الخلفية فكانت تحكى شيئاً مختلفاً.. شيئاً ربما لم يهتم به يعقوب فى هذه الليلة.. ولم يشغل باله.. مشهد بهى.. ربما أذهل يعقوب فقط.. دون أن يفهمه.
كتلك الأشارة الأولى.. المبهمة.. أن نسل المرأة يسحق رأس الحية..
فى وسط المخاوف والأضطرابات والأحتياجات.. يأتى الرب ليُطمئنا.. يُحدثنا فى مخاوفنا.. وأحتياجنا.. لكن يا صديقى.. الخائف.. الرائى.. ربما فى خلفيه المشهد يوجد أمر ما.. أعظم.. أمر كونى.. لا يخصك وحدك.. يريد الرب أن يلفت نظرك اليه.. فأنصت.. وأحسن الرؤيا..
فلا يرى أبعاد المشهد الحقيقية.. سوى من خطا خارج نفسه.. خطوة أبعد من أحتياجه الشخصى. كحنة التى رأت فى أحتياجها.. ما هو أكبر من مجرد ولادة طفل!!
أغبياء نحن أغبياء.. لاننا غارقون فى أنفسنا.. لاننا لانتمعن النظر فى الرؤيا.. ونختطف منها ومن الاحداث فقط ما يخصنا.. وما يطمئنا.. لاننا ننشغل بالهنا الشخصى.. لاننا ننسى أنه رب كل الكون!!
يريد الرب أن نسأل عن ما نرى كدانيال.. لكننا نرى ولا نسأل.. فلا تفهم الكنيسة رسائل الرب لها.. لأن من رأى.. أخذ الرؤية لنفسه!!
ثم تمر عشرون عاماً.. لا علاقة لها بهذا الحلم فى شىء.. سنوات تبدو ضائعة.. كلها تدور حول النساء الذين تزوجهم يعقوب.. وصراعهم معاً.. وأطفاله العديدين.. الغنم والبقر.. لابان وأهل بيته.. صخب غير متناغم يبدو أنه مجرد شخبطة فى كتاب يعقوب.
مجرد شخص متعدد الزوجات والأطفال.. يكمل طريق أحتياله لأجل بعض الغنمات.
لكن فى هذه السنوات العشرون التى تبدو ضائعة.. أنجب يعقوب.. شعب اسرائيل.. الذى سيتحقق فيه.. ومنه حلم السلم السماوى.
ومع نهاية اعوامه العشرون.. خاف مرة أخرى.. وأنكسر.. وصار أسمه أسرائيل.. تغير فجأة.. من يعقوب لأسرائيل. صار كياناً مختلفاً.. فى ليلة.. هذه المرة.. لم يرى حلماً.. بل رأى الرب.
الحلم حمل له وعد البركة.. أما حضور الرب نفسه فحمل له كسر البركة.. ليموت.. ويولد من جديد!!
فى أرض الواقع هذا الرجل الذى عبر الأردن بعصاه صار جيشين كما قال.. صار غنياً جداً..
لكن فى الروح.. أمور مختلفة حدثت.. تأسس مذبح.. تأسس بيت الرب.. وكنيسته.. وعائلته..
كيف يمكن لأنسان أن يُشارك هكذا فى عمل الرب.. دون أن يدرى..
كيف للنعمة أن تكون هكذا غنية.. فيصير أحد أسماء الرب هو.. اله يعقوب.
وتعمل النعمة.. فى هذا المتعقب ربما رغم عدم أدراكه.. لتخلق أسرائيل!!
يتسائل الناس عن دعوتهم.. وخدمتهم.. لكن ماذا لو كانت دعوتك.. ورسالتك.. أن تتزوج وتنجب اثنى عشر غلاماً.. سيكونون خميرة شعب الرب.. وأنت لا تفهم حتى ماذا تفعل.. انت شخص طبيعى.. تتزوج.. وتنجب.. وتصارع لأجل المال..
لكن يوجد من هو أقوى منك.. يعمل فيك.. ويعمل فى خلفية المشهد.. ليخلق أمراً جديداً. ..
حقاً ما أبعد تخيلاتنا عن الدعوة والخدمة عن رؤية الرب!!
رأى يعقوب أقامتنا فى السماء.. وربما لم يفهم.. رأى الرب النازل ليصطحبنا لنقيم فى السماويات..ليجلسنا عن يمينه.. ولم يسمع سوى ما يخص مخاوفه.. وأنه رغم كل شىء يصير بركة.. وفى نسله يتبارك جميع قبائل الأرض. ولم يجد ردا سوى لو كان الرب معه فعلاً.. فانه سيعشر كل ماله!!
هو نفس وعد ابراهيم لكن بمشهد جديد.. يحتاج تمعن.. وأنصات.
نعم.. جميع قبائل الأرض.. وليس فقط شعب اسرائيل.. تتبارك فى نسله..
فى السلم السماوى.. الذى هو.. الرب يسوع.
لا نستطيع أن نصنع لأنفسنا سلم.. ولا برجاً يصعدنا للسماء.. لا نستطيع أن نصنع لأنفسنا أسماً جديداً.
لكن الرب يستطيع أن يصنع سلم.. نازل من فوق.. ليصعدنا.. ويضعنا فى الأسم الذى فوق كل أسم.. أسم يسوع.
يا من ترى رؤى الرب.. هل تفهم.. وتتمعن.. وتنصت؟!
المشهد يحتوى أكثر بكثير.. مما تظن!! فهل تتضرع كدانيال لتفهم.. و نفهم معك؟!