لمن تبوق أيها الجبار؟

لمن تبوق أيها الجبار؟ فلا أحد هنا يستمع لزئير أبواقك..

الأذان قد أصمها كثرة الأحاديث.. وشغلها ضجيج الأحداث.. ولأن لا أحد يسمع.. فلا أحد يتجهز للحرب.

معظم الجنود مشغولون الأن بمعارك جانبية رغم صوت البوق المُعلِن عن مكان الحرب الحقيقية!!

لذا... ألا تفكر أن تتوقف عن الصراخ بهذا البوق؟!

ولماذا توجه أبواقك نحو السماء؟! أتُحدث السماء أم الأرض بهذا البوق؟!

كنت أظنك تنادى على أحدهم بواسطة هذا البوق ليكون بجوارك.. ليحارب معك.. ولكن عندما لم يآت أحد.. وبقيت وحدك.. وبقيت تبوق.. ورفعت بوقك اكثر نحو العلى.. أدركت أنك تبوق لمن لا أراه.. فلمن تبوق؟!

ها أنت قد أستنزفت أنفاسك مع هذا البوق الذى يأخذ الكثير من أعماق نفسك ويحولها الى صوت يضيع فى العلاء.. فتُصبح مجرد صوت.. صوت صارخ فى برية!! فما رأيك أن تتحول لشىء أخر أفيد لك وللناس... وتتوقف عن الصراخ بالبوق؟!

أما حامل البوق.. فكان كمن يحمل سلاحه.. ويوجهه الى شىء ما.. لا يراه أحد سواه.. ثم يبتسم فى صمت.. لأنه يُصيب أهدافه بدقة.. كان لديه التمييز بين الانكسار والنصرة!! لم يلتفت لتلك الأصوات.. بل زاد من صوت بوقه ليعلو عليها.. كان يرى ما لايُرى... ويتشدد بمن لا يُرى!!

بوقه الموجه نحو السماء.. والسماويات.. والسمائيين.. صنع الكثير ولم يكن مجرد صوت فى الهواء.. وكان هو يعلم هذا.. عرف ذلك من قائده الذى سلمه البوق.. فلن يصبح لبوقك تأثير.. إن لم تستلمه من القائد!!

سلمه البوق.. ووضعه فى صحراء.. ورفع وجهه نحو العلاء.. وقال له أنتظرنى.. انتظرنى مبوقاً.. وكان هو لا يعرف شىء سوى الطاعة!!

طاعة من أحبه!!!

أمضى سنوات يبوق.. ويظن أن لا أحد سواه يسمع البوق.. أصابه اليأس والأحباط.. وفكر فى التراجع كثيراً.. لكن طاعته.. وثقته فى قائده.. أبقياه فى مكانه.. وقبل كل شىء.. كان يعلم أنه يجب أن ينتظر حيث وضعه محبوبه!!

وذات يوم.. رأى.. رأى كل ما قيل له.. واقعاً.. ورأى أبتسامة وجه الحبيب.. وصوته يقول له..

نعماً لك يا من أنتظرت مبوقاً فى صحراء...

لآنك أطعت.. ولأنك أحببت!!

العين.. والنور.. والأتحاد بالثالوث
الدفء الساكن فى عمق العلاقات هو هدية الحب لنا