لنا أب.. يهبنا عطاياه مجاناً
لنا أب.. يهبنا عطاياه مجاناً.. فنظن انها اضافت لنا قيمة تُميزنا عن الأخر.. فنعود اليه مُتجاسرين عليه بما منحنا.. ونطالبه بما نظنه حقوقنا.. لاننا صرنا نظن اننا نستحق!!
كان أبن.. كان له كل شىء.. لكنه لم يستمتع أبداً بشىء.. فقد ظن فى نفسه الأستحقاق لأجل جهده... فلم يحصل على شىء!!
وأما الذى رأى نفسه على حقيقتها.. و وجد فى نفسه أنه لا يستحق شىء ولا حتى أن يكون أبناً.. أو تلك التى بالكاد تمنت الفتات.. انتشلتهم النعمة.. ومنحتهم كل شىء.. مجاناً!!
الأستحقاق يبحث عن عطية تُكافىء ما نُـقدم من جهد.. أما النعمه فتبحث عن عطية بقدر صلاح وغنى المُعطى!!
الذى ظن أنه مُستحقاً.. كان اقصى طموحه "جدياً".. فقد كان يزن العطية بتلك الخدمة التى قدمها لابيه.. وكان تقيمه سليماً لها.. فكل هذه السنوات فى الحقيقة لا تستحق أكثر من.. جدى!!
من يطلب من ابيه أن يُحاسب هو أو الأخر بحسب الأستحقاق.. سيخرج ويداه فارغة.. ان لم يصر مديوناً!!
النعمه تساوى بين الناس فتجعلهم أخوة.. اما الاستحقاق فيعتمد دوماً على ميزة يظنها الشخص فى نفسه.. تاريخه.. مجهوده.. تراث أجداده.. مواهبه.. نشاطه الكرازى.. محبته الفظيعة لابيه.. أى ميزة ترفعه عن الاخرين وتجعلهم أقل.. ليساوم ابيه بها.. وكأن باقى الناس لا يقدمون شىء !!
وشعاره الدائم.. "أنا الأفضل".. "أنا المميز".. "انا من لا مثيل له".. ولا يدرى أنه بذلك يحرم نقسه نعمة البنوة.. والأخوة.. ويبقى وحيداً مع ميزته!!
نحن سيئين لدرجة انه.. حتى بنوتنا نساوم ابانا بها!!
ونطالبه ان يحابينا ويميزنا عن باقى خليقته!!
أما النعمه فتجعلنى أرى الأخر مُستحقاً مثلى.. مهما كانت حالته.. حتى لو كان فاجراً.. ولم يتعب سوى ساعة واحدة.. أو لحظات.. فانا اخذت مجاناً لصلاح ابى.. وهكذا هو ايضاً يستطيع أن يأخذ مثلى أو أكثر منى.. لان ابى صالح!!
وما أصعب أن تسكن فى ملء النعمة.. وتصر دوماً أن تحاسب اباك بما تستحق.. فيمر العمر عليك فى فراغ وحزن وجوع.. تحسد من يأخذ.. ولا تفرح بميت قام.. او ضال عاد.. تجوع فى بيت ابيك.. رغم ان كل شىء لك!!
طوبى لمن وضع رجائه طول العمر لا فى شىء يخصه.. بل فقط فى صلاح ابيه.. الغنى.. الذى يهب له مجاناً..
ذلك فقط يمكنه أن يفرح لفرح أخوته!!