لو كنتي تعلمين

ذهب إليها.. وجدها.. وقفت أمامه، في محضره، ومواجهته، لكنها كانت.. تائهه عنه.. لا تعرفه.. ولا تعرف ماذا ينبغي أن تطلب.. ولا ما يرغب ويقدر أن يُعطي.. لذا طلبت أي شيء، وكل شيء، ثم لخصت طلاباتها في طلبة واحدة، هي أول ما خطر في بالها.. وما ترى أنه أعظم.. وأهم.. وألح.. احتياج حالي في حياتها... وألحت في طلبها.

أما هو.. فأحبها استمع، أنصت، وانتظر.. بصبر.. إلى أن انهت كلامها.

وكعادته.. نفذ للأعماق.. وأخبرها بحقيقتها.. وبأصل وحل مشكلتها.

وصل بمحبته لعُمقها.. من كلامها المشوش، الغير مترابط، ومن طلاباتها المُتعددة، وطلبها الوحيد المُلح الظاهري، الذي تظن أن فيه.. حياتها!

أخبرها.. أنها لا تعرف من تُحدثه! ولا تعرف ما هي.. "عطية الآب"؟!

أخبرها أيضًا.. ماذا ينبغي أن تطلب... منه.. إن عرفته!

وضع الصلاة والطلبة الصحيحة.. على لسانها

كثيرًا ما نطلب، ونلح، ونلوم على عدم الاستجابة، دون أن نتوقف لحظات لنسأله.. هذا الذي نحن قائمين في محضره..

ما هي عطيتك؟ ماذا ترغب أنت أن تُعطيني؟ ماذا لي عندك؟

فأنا أطلب أشياء كثيرة.. ومعظمها أجد بعد فترة.. أنها ليست أنا.. ولا ما احتاجه.. وكثيرًا ما اتشكك أصلًا فيك.. هل ستعُطيني طلبي أم لا.

لكن يبدو أنك ترغب أن تُعطيني.. ما لا أعرف! وما لم أطلبه يومًا! وما لم يخطر أصلًا ببالي.. لأني لا اعرفك كما ينبغي.. ولا اعرف ما هي "عطية الآب" التي أتيت بها لي.

كما انصتت لي.. وعرفتني.. هبني أن أنصت لك.. لأعرفك. واعرفني.

وكما قبلت هي كلماتك عنها.. دون مناقشة.. وصدقتك.. هبني أن اسمع منك.. عني.. عن احتياجي.. وعنك.. من أنت؟!

هبني صمتًا.. لأنصت.. واطلب ما في يدك لي.. لا ما اعتدت طلبه.

ضع صلاتك في لساني.. لأقتني منك وبك.. "عطية الآب" آمين

"أَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهاَ: «لَوْ كُنْتِ تَعْلَمِينَ عَطِيَّةَ اللهِ، وَمَنْ هُوَ الَّذِي يَقُولُ لَكِ أَعْطِينِي لأَشْرَبَ، لَطَلَبْتِ أَنْتِ مِنْهُ فَأَعْطَاكِ مَاءً حَيًّا»." (يو 4: 10).

سراب و أبدي
يا بخت.. اللي تاهوا!